ث ق ل
وصف النشاط
﴿فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾ [القارعة: ٦، ٧].
"الثقل - كعنب: نقيضُ الخِفّة/ رجحان الثقيل. الثِقْل - بالكسر: الحِمْل الثقيل. مِثْقال الشيء: ما آذَن وزنَه فثقُل ثِقَله ".
المعنى المحوري هو :
انجذاب الشيء المحمول إلى الأرض أو إلى أسفل (بقدر وزن مادته): كما هو شائع في استعمال التركيب. واستعملت مفردات التركيب في القرآن لعدة مستويات من الثقل: منها الثقل المادي المعتاد ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ﴾ [النحل: ٧]، وثقل الموازين (وإن كانت الكيفية غير معروفة) ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ [المؤمنون: ١٠٢]، (أي بالأعمال الصالحة لأنها التي طالبنا بها) ومثلها ما في [الأعراف: ٨، القارعة: ٦].
وفي قوله تعالى: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزلزلة: ٢] قال الفرّاء: لَفَظت ما (كان مدفونًا) فيها من ذهب أو فضة أو ميت [ل] (المندفن في الأرض كأنها جذبته) ومن ذلك قول الخنساء: (حَلّت به الأرضُ أثقالَها) أي زينت موتاها به.
ومن ذلك ثقل الحامل: "أثقلت المرأة: ثقُلتْ واستبان حملها "أي صار حَمْلها ثقيلًا: ﴿فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا﴾ [الأعراف: ١٨٩] (كبِر الجنينُ في بطنها فصار ثقيلًا وقرُب وقت ولادته)، وثقل السحاب بمعنى امتلائه بالماء ﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ [الرعد: ١٢]: المْلأَى بالماء، ومثلها ما في [الأعراف: ٥٧]، وثقل بدنيّ لعجز أو نحوه ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ [التوبة: ٤١]، وثقل نفسي من الغرم المالي ﴿فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾ [الطور: ٤٠, القلم: ٤٦] أو من فقد الحماس للجهاد ﴿اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾ [التوبة: ٣٨].
ثم ثقل حمل الأوزار والذنوب ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ﴾ [العنكبوت: ١٣، ومثلها ﴿مُثْقَلَةٌ﴾ في [فاطر: ١٨]. أما ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل: ٥] (فمعناه: زاخرًا بالتشريعات والأحكام والعلوم والإشارات والمعاني العامة)(١) ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ [الرحمن: ٣١]. أرجع ابن فارس [المقاييس ١/ ٣٨٢] هذه التسمية إلى كثرة العدد، وأغفل الراغب تفسير الآية.
والأقرب إلى القبول قول قر "والثقلان الجن والإنس سُميا بذلك لعظم شأنهما بالإضافة إلى ما في الأرض من غيرهما بسبب التكليف ". ويمكن أيضًا أن يضاف أن الإنس هم الذين استُعْمِروا الأرض وسُخّر لهم ما فيها، وشاركهم الجنّ فيه